محمد قناوي يكتب : «غزة مونا مور».. الحب في خريف العمر

الكاتب محمد قناوى
الكاتب محمد قناوى


من حسن حظي أنني افتتحت مشاهداتي لأفلام مهرجان القاهرة السينمائي في دورت الـ 42 المقامة حاليا بالفيلم الفلسطيني" غزة مونا مور"؛ من تأليف وإخراج التوأمان طرازان وعرب ناصر وهو إنتاج فلسطيني فرنسي ألماني برتغالي مشترك ومن بطولة سليم ضو وهيام عباس وميساء عبدالهادي وجورج إسكندر ومنال عوض؛ وهو الفيلم الذي تم ترشيحه لتمثيل فلسطين في الدورة 93 لجوائز الأوسكار في فئة أفضل فيلم دولي ؛ وأثناء مشاهدتي له وجدت نفسي أمام عمل سينمائي رائع بكل المقاييس؛ فيلم يستخدم البساطة في لغته السينمائية يقدم حكايات وأحداث يعيش بعضها أوكلها أهلنا في غزة في ظل حصار من العدو الإسرائيلي وجبروت النظام الحمساوي الذي يحكم القطاع منذ عدة سنوات؛ السياسية ربما تكون غير حاضرة بشكل مباشر في احداث الفيلم ولكن في كل مشهد ومع كل حكاية تجدها مؤثرة علي حياة البشر الذين يعيشون في القطاع؛ الفيلم يستحق أن يمثل السينما الفلسطينية في الترشح لجوائز الأوسكار في فئة أفضل فيلم دولي؛ كما انني أتوقع أن يتردد اسم "غزة مونا مور" بين الفائزين بجوائز المسابقة الدولية للمهرجان أو المنافسة بقوة علي جائزة  أفضل فيلم عربي في المهرجان.


 "غزة مونا مور "هو الفيلم الروائي الثاني التوأمان طرزان وعرب ناصر بعد فيلم "غزة حبيبتي" والذي مثل السينما الفلسطينية أيضا في الترشح لجوائز الاوسكار في فئة أفضل فيلم  دولي قبل عدة سنوات ؛ ويبدوا أن غزة تحتل المساحة الأكبر في قلب الأخوين "طرزان وعرب"؛ ففيلمها الثاني "غزة مونامور"يتناول الانسان في غزة ؛ مثلما حدث في "غزة حبيبتي" فيقدما في فيلمها الجديد  قصة حب رقيقة بين أرملة تعيش مع ابنتها المطلقة وبين رجل في الستين من عمره يعيش وحيدا؛ ولا يدخل حياته سوي شقيقته المتطفلة والتي تريد أن تزوجه بأي شكل وبأي طريقة ؛ واتخذ السيناريو من قطاع غزة الخاضع لسلطة حركة حماس، مسرحا لأحداث هذه القصة؛ ورغم القسوة التي تتعامل معها سلطة حماس الحاكمة في القطاع الإ أن الأخوين "طرزان وعرب"يريدا أن يقدما رسالة وهي أن الحب لا يزال هو الشيء الوحيد الممكن في ظل عالم جنوني.


تدور أحداث الفيلم حول "عيسى "الرجل الستيني والذي يقدم دوره الفنان " سليم ضو" ويمتلك مركبا قديما يصطاد به السمك في مساحة الصيد المحدودة قبالة ساحل غزة والتي لا تتجاوز الثلاث ألاف ميل بحري ويبيع السمك الذي يصطاده ، ويقع"عيسي"في حب جارته في السوق سهام الأرملة وتلعب دورها الفنانة"هيام عباس" ، يحاول التصريح لها بحبه ولكن خجله الذي يشبه خجل المراهقين لا يعطيه الشجاعة الكافية ؛ فيحاول اختلاق المبررات للقائها والتعبير لها  بالحب بالنظرات مرة والتلويح مرة اخري لكن قبل أن يتمكن من اخبارها بحبه واثناء رحلة الصيد اليومية التي يقوم بها يعثر على تمثال للإله أبوللو إله الشمس عند الإغريق مما يوقعه في مشكلة مع سلطة حماس التي تصادر التمثال وتحاول بيعه لمتحف دولي عقب مصادرته من الصياد، لكن المتحف يخبرهم أن التمثال ينقصه جزء ما، والجزء المقصود من التمثال هو العضو الذكري المنتصب الذي كسره عيسى أثناء محاولاته إخفاء التمثال في دولاب ملابسه ؛ ومن الواضح أن الفيلم مقتبس عن قصة حقيقية حدثت بالفعل في غزة عام 2014، حيث عثر أحد الصيادين على تمثال أثري إغريقي في البحر، وقامت حركة حماس بمصادرة التمثال، ثم بدأت المنظمة بالبحث عن مُشتر للتمثال، أملاً منهم لإيجاد حل للمشاكل المادية التي تواجهها البلاد، ولا أحد يعرف ما حدث بعد ذلك للتمثال.

 
الفيلم قدم ببساطة الصعوبات التي يواجهها سكان قطاع غزة في حياتهم اليومية ؛ ولكن الاخوين طرزان وعرب ناصر نجحا في تقديم الفكاهة واضفاء جوا رومانسيا علي الاحداث مما خفف من حدتها ؛ وقد لعبت الموسيقي التصويرية دورا محوريا في التعبير عن شخصيات الفيلم وحالاتهم النفسية وقدت تنوعت الموسيقي بين العربية القديمة والموسيقي الاوربية بالإضافة الي الي موسيقي الفيلم التي صنعت خصيصا من اجله.

 

أقرا المزيد..من «صعيدي» لـ«ولاد العم».. أعمال سينمائية دعمت القضية الفلسطينية